مركز العوتبي للدراسات الثقافية والتراثية

تزخر عمان بتنوع ثقافي غني يعكس تاريخاً عريقًا وتراثًا فريدًا. وبما أن اللغات المتعددة المتداولة في عمان تحمل تراثًا أدبيًا ولغويًا ثمينًا فهي تمثل جزءا أساسيا من هذا التنوع الثقافي. لقد شهدت اللغات المتداولة في عمان (أمثلة …) تطورات عدة عبر الزمن فتأثرت بمحيطها وتأقلمت معه. لكن العديد من هذه اللغات تواجه الآن خطر الاندثار نتيجة للتحولات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية المعاصرة. ومع اندثار كل لغة من هذه اللغات فإننا نفقد إرثا حضاريا ثمينا. لذلك بات من الضروري دراسة هذه اللغات وتوثيقها حيث أنها تمثل جزءًا أساسيًا من هويتنا الثقافية واللغوية. فمن خلال البحث والتوثيق، يمكننا الحفاظ على هذا التراث والمساهمة في إثراء المعرفة العالمية حول هذه اللغات. ويمكن أن تكون المشاريع ذات طبيعة تزامنية أو لا تزامنية (تعاقبية) ويمكن أن تركز على جوانب مختلفة منه بينها بنية اللغة أو السمات اللغوية الاجتماعية أو التراث الثقافي اللغوي.

تزخر عمان بشريط ساحلي طويل فرض علاقة مخصوصة مع العمانيين الذين أدركوا منذ قديم الزمان ارتباط حياتهم وعلاقاتهم بالبحر. فتتالت تجاربهم وتنوعت لتطويع البحر من أجل بقائهم وبناء حضارتهم الموسومة بتراث بحري مادي ولا مادي ثري جدير بالمزيد من البحث والتنقيب. من هذا المنطلق جاءت دعوة لجنة التاريخ والتراث بمركز العوتبي للدراسات الثقافية والتراثية إلى البحث في التراث البحري العماني اعترافا بثرائه وتحفيزا إلى العناية به بتوثيق مكوناته ودراستها وإبراز خصوصيتها، وذلك من خلال تسليط الضوء عما يكشفه التراث البحري العماني من خبرات الأسلاف ومهاراتهم وقوانينهم ومعارفهم المتعلقة بالبحر مثل صناعة السفن وعلوم البحار الجغرافيا والفلك والصيد والغوص أو عاداتهم فنونهم وآدابهم المتصلة بالصيد خصوصا والبحر عموما كالأساطير والأغاني والحكايات.

ارتبط العُماني ببيئته واستخدمها في حياته تيسيرا لأموره وقضاء لاحتياجاتها المعيشية، فأصبحت معالم الحياة وموادها ملهمة للابتكار والإبداع وغدا يقدّرها ويهتم بكل تفاصيلها، فاستخدمها في كثير من صناعاته وأنتج بها مستلزمات حياته، ووظفها في الحفاظ على بقائه واستدامة رفاهية حياته. وظل الجيل الحاضر يستلهم هذه الثقافة وينتج منها ما يتناسب مع حياته رغبة في الحفاظ على هذا الموروث، وتلبية لدواعي المعيشة التي ظلت بها هذه الموروثات محافظة على عوائدها الاقتصادية للأفراد والمجتمع. ومن هذا المنطلق جاءت دعوة لجنة الحرف والصناعات التقليدية بمركز العوتبي للدراسات الثقافية والتراثية للباحثين والمهتمين بهذا المجال إلى تقديم مقترحاتهم البحثية التي تزيل الغبار عن جمالية هذه الحرف والصناعات، وتبعث فيها الحياة تلبية لرؤية السلطنة في الحفاظ على الموروثات الحضارية والثقافية وتوظيفها اقتصاديا.